كان يقود سيارته في ذلك الليل المعتم و هو عائد من المصيف و تجلس بجانبه زوجته و هي في حالة من النعاس الشديد الذي يحتاج الى المجاهدة من أجل التغلب عليه , و لم تكن تجاهد لأنها تحب زوجها و لا تريده أن يصاب بالضجر و الملل من طول الطريق المعتم الذي تكاد تنعدم فيه السيارات
بس كانت تحاول أن تظل مستيقظة حتى لا تتسبب غفوتها في موتها لأنها تدري بأن زوجها لا سلطان له على النوم
كان يتحدث و يتحدث كثيراً عن ذلك اليوم الذي قضوه في المصيف عند اقربائهم , و قد أصابها حديثه بالضجر و السأم لأنها كانت هناك و رأت كل شيء فهي لم تعد ترغب بأن تسمع عنه مرة أخرى
" آآآه كم أصبح مملاً هذا الزوج "
لقد بدأ يراودها هذا الشعور مذ تقاعد زوجها من وظيفته
أصبح جلوسه في البيت يضايقها , لا لشيء إلا لأنه من النوع الذي يحب الترتيب بل إنه مهووس بالترتيب
و لأن لا أحد في البيت سواهما فلا يوجد غيرها ليصب جام غضبه عليها حين يجد أشياءه في غير موضعها
عدا ذلك فهو زوج من النوع المثالي , ففي أيام صباه حين كانت تراه أوسم الرجال لم يكن من النوع المشاغب الذي لا يتورع عن خيانة زوجته عند أول عرض جميل , فقد كانت هي كل شيء بالنسبة له , و لكن العمر يمضي و لا يبقي على الإنسان , فلم يعد بتلك القوة و الفحولة التي كان يمتاز بها في السابق , بل إنهما يعيشان مع بعضهما كالأصدقاء , رغم كل ما تراه من ضعف زوجها لكنها لم ترى كيف ذبل جسدها و ذهب البريق من عينيها إلى غير رجعة و الديسك الذي أصابها , كل هذه الامور لم تدخل في حسبانها و لكنها كانت دائماً تضع
اللوم على زوجها الذي فقد أهليته كزوج , هكذا هو الوضع دائماً
" إنتبــــه !! "
تقطع صرختها حديث زوجها المستمر عن ذلك اليوم و يضغط بكل ما أوتي من قوة على فرامل السيارة , و لكن حدث الإصطدام !
" ماذا فعلت !! "
" لم أره ,, ظهر فجأة أمامي كالشبح ,, إنني حتى لم أره ,, هل كان شبحاً ؟ "
" لا أيها الأ... لا عليك ,, فلنرَ ماذا صدمنا "
يخفي ضحكته الشريرة التي يطلقها كلما رآها غاضبة منه
و ينزلان من السيارة و يصدمهما المنظر المريع !
" ما الذي سنفعله الآن ؟ "
يسالها
" لا أدري ,, لا أدري ,, بربك كيف لم تره و هو بهذا الحجم "
" لا أدري ,, ظهر فجأة من العدم و ,, و ,, و حدث ما حدث "
" ماذا سنفعل الآن "
" هل أتصل بالشرطة ؟ "
" لا يا (زوجي الحبيب) لا يجب أن نتصل بالشرطة , هل تعي ما سيحدث إن إتصلنا بهم من أجل هذا الموضوع ؟ "
" إذاً ماذا نفعل , لو ساهمنا بابلاغ الشرطة فاننا سنحصل على حكم مخفف و قد نخرج ببراءة ,, و لكن إن هربنا الآن فقد نتهم بالدهس و الهروب من موقع الحادث ,, و هكذه جريمة لا تغتفر "
" الأهم من هذا و ذاك أن لا نلمسه بتاتاً حتى لا تظهر بصماتنا أو تتعلق حاجياتنا فيه ,, يا إلهي كم هو كثيف الشعر !! "
" ما العمل يا زوجتي ,, أنتِ اعلم مني بهذه الأمور "
" الآن أصبحت تتكلم عني و كأنني قاتلة !!! "
" يا عزيزتي لا وقت لدينا لهذه الاحاديث ,, ما العمل الآن "
" حسناً حسناً وجدتها ,, أحضر لي منظف الزجاج من صندوق السيارة , إنك تحتفط فيه هناك , و أحضر لي أي قميص او منشفة ان وجدت في الحقيبة "
و يجلب زوجها الحاجيات من صندوق السيارة
" حسن ,, الآن سنقوم بمسح آثار الدم عن السيارة حتى لو حصل أن رأتنا نقطة تفتيش فلن تنظر لنا بعين الريبة و تتهمنا بقتله "
" و ماذا نفعل بجثته ؟ "
" اتركها حتى يجيء غيرنا و يدهسها و يظن أنه هو الذي قتله "
" يا إلهي ,, و لا تريدني أن أصفها بالقاتلة ,, كيف عشت معك طوال هذه السنوات ولم أخف على حياتي "
" هل تريد أن تبدأ بالخوف بعد أن لم يبق لك شيء في رحلة العمر ؟ كف عن هذه الترهات و ادعك آثار الدم قبل أن يأتي أحد و يرانا و يتهمنا بقتله ,, هيااا "
و بعد أن ينتهيان من مسح آثار الجريمة عن صادم السيارة يتأكدان من أن أحداً لم يراهمنا و ينطلقان بالسيارة
و فيما هما يبتعدان عن موقع الحادث ترى الزوجة من خلال مرآة السيارة بعضاً من أصدقاء الضحية يجتمعون حول جثته بعد هروبهما
" يبدو أن كان عزيزاً عليهم "
" نعم ,, انظري لهذا العدد الهائل من القطط و الهررة المجتمعة حوله ,, الحقير ,, كم كان ضخم الحجم ,, حمداً لله أنه لم يصب إطارات السيارة بأضرار ,, قد كان هراً ضخماً "
;D
من بنات أفكاري ,, شرايكم بس ما أنفع أكتب قصص ؟ ;Pp